الأربعاء, يناير 8, 2025

الحدث العالمي الذي قلب كل الحسابات لسنة 2023

أحمد الخمسي

الحدث العالمي الذي قلب كل الحسابات لسنة 2023

طوفـــان الأقــــصى

كاد نصف السنة الأول من 2023، يوحي باحتمال الانزلاق الى حرب نووية في أو كرانيا وما أدراك ما الحرب النووية.

كاد التطبيع يصبح الأوجه الوحيد الذي نسمع من خلاله الأخبار عن فلسطين، خصوصا مع الهمجية للمستوطنين في الضفة الغربية ولا أمم متحدة ولا ولا…الخ

العلاقات الصينية الأمريكية راوحت لحظات التسخين حول طايوان ولحظات الايحاء بالتبريد بصدد العلاقات التجارية بين البلدين.

في المغرب، ضحايا السجل الوطني والسجل الاجتماعي يغرق داخل اللغط حول الدولة الاجتماعية والكلام الفضفاض بينما ضاعت فئات واسعة في مكسب الرميد، وبدأ مسلسل تقدير من سيستحق التعويضات ومن لن يستحقها وفق سُلّم معايير خرجت من مكاتب الخبراء بعيدا عن الحقائق في الأرض.

ثم ما لبث أن زادت الحكومة في طين الاحتقان بلة في قطاع التعليم. لتظهر النقابات وقد انزاح البساط من تحتها فلم تعد تمثل شيئا في قطاع حيوي استراتيجي.

ومع هذا وذاك غرقت حيوية المجتمع المدني تحت رمال الوسائط الاجتماعية حيث “هبّط وقُل”.

لكن لكل جيل ضميره وقادته، إذ ظهرت التنسيقيات صيغة تنظيمية تأطيرية جديدة مركزية لقيادة النضال من أجل مطالب التعليم.

ولأن الظرفية اهتزت بملحمة طوفان الأقصى، فلم يمض شهر من الخريف الأخير، حتى تبدلت ملامح الأوضاع تبدلا نوعيا. طبعا الثمن باهض يدفعه الفلسطينيون من دمهم ولحمهم بفقدان الشهداء يوميا بالعشرات، لكن مشروع الصهيونية في خلق نكبة ثانية وتهجير الفلسطينيين خارج غزة، فشل بفضل التحضير الجيد الذي أنجزته حماس ما قبل 7 اكتوبر، لتصمد بهذا الحجم القوي الذي قلب الصورة بين جيش نظامي مدجج بأحدث اللوجيستيك مسنودا باقتصاد قوي مرتبط بالرأسمالية الغربية المتقدمة، وبقبة حديدية مخابراتية وتجهيزية وحيوية سياسية.

سرعان ما سقطت الصورة عن التفوق الصهيوني. خصوصا عندما تكررت من قبل أخبار تسرب الموساد في المنطقة بحيث يغتال العلماء داخل ايران ويلتقط ضباط الحرس الثوري ويغتالهم في العراق وسوريا… بينما لم يأتيه عملاؤه بخبر التخطيط لسابع اكتوبر.

ثم أسرع الغرب جميعا لنصرة الحكومة المتطرفة الصهيونية، ولكن صمود الفلسطينيين لما بعد ثلاثة شهور مع نوعية القتلى من جيش الاحتلال وعدم تحقيق الاهداف المعلنة (تحرير المخطوفين واغتيال أو اعتقال قادة حماس)، ولأن المليار دولار كل أربعة أيام من الحرب هو ما يكلف الاحتلال، بما يعني خلال ثلاثة أشهر خسائر الحرب المالية عشرون مليار دولار.

أما ما ينتجه توقف البناء والسياحة والنقل البحري واختباء 120 ألف من المستوطنين في أماكن سكناهم الاعتيادية، فالبرامج الني كانت قائمة على أن اسرائيل تضرب في كل مكان ولا يصيبها سوء، كلها برامج أصبحت قصورا من رمال، ذهب بها طوفان الأقصى إلى عمق الاضطراب والأزمة التي لم يسبق للكيان الصهيوني أن رآها في كابوس من كوابسه المحتملة.

الزعيم الفرنسي اليساري، في لقاء له أكد أوهام الغرب حول اسرائيل والتهم الجاهزة التي ينتظرها كل منتقد لسياسة اسرائيل العدوانية. وأعطى التوصيف الدقيق لما تشنه اسرائيل من “حرب شاملة” وأرجع إلى الأذهان ضرورة تمثل السياسيين لمستقبل البشرية في ظل هيمنة الرأسمالية التي لم تتوقف يوما عن شن الحروب. ولكنه أشار إلى أن تاريخ البشر تغير جوهريا منذ سنة 2008، عندما أصبح أكثر من 50 في المائة يسكنون المدن. وأعطى أرقاما بين درجة ازدحام الغزاويين في مساحة تقارب فوق المغرب ما بين مرتيل وسبتة طولا وما بين الاوطوروت والبحر عرضا.

لكن الغزاويين يظهر وهم تحت الحصار وفي مساحة ضيقة تنطق الارقام بمنجزاتهم بما يتفوقون بع على البلدان العربية. تلك المساحة الصغيرة تحتوي على 27 مستشفى وعلى جامعتين، يتخرج منها علماء الاعلاميات الشباب يتمكنون من قرصنة البرامج الصهيونية بل تمكن عمر البليبسي  من تعطيل البرنامج الالكتروني للقبة الحديدية مرتين سنة 2015 وسنة 2016. وخلال الحرب الحالية تمكن الغزاويون من قرصنة فضائية الجيش الصهيوني وجمع ما فيها من صور حصرية التقطها الجيش عن الحرب.

فالعقل الفلسطيني، يشتغل من خلال السياسة بالعلم والتعليم والإعلام. بحيث تفوقت حماس على حزب الله في مرافقة العمليات بالتصوير وبضبط مواقع الاصابات بتحديدها بمثلث أحمر، صار حزب الله يستعملها بعدما رأى الفائدة البرهانية وقوة تأثيرها في تشديد مصداقية الصورة مع العمليات العسكرية. كما استجد القاموس الحربي العربي بما صار يتردد من المواجهة العسكرية من مساحة الصفر. وسوف تجدد أكاديميات تكوين الضباط في الغرب برامجها وفق التوثيق الذي تنتجه المقاومة في غزة اليوم.

وللحرب الجارية اليوم، والصورة التي انقلبت على اسرائيل، تفيد صحة ما قاله ميلانشون كون الحروب تقد دائما من أجل ربح مساحة على الأرض، وكون الإصرار على اطالة الحرب تعني خسران الرأي العام لأن ضمن الكثافة السكانية للمدن لا حرب بلا دون عدد كبير من المدنيين. فكل من يرفض وقف القتال معناه يزغل في قتل الابرياء المدنيين وخصوصا من الاطفال والنساء والشيوخ.

ملخص نهاية سنة 2023 أن القضايا العادلة الحقيقية هي التي تحيي عروق الحياة الانسانية وتعطيها معنى، وما دون ذلك فالسياسة مثل النخالة حيث يغرق الديكة رؤوسهم من أجل التوافه. فالسياسة إما أن تكون بقيم ونبل من أجل القضايا العادلة أو لا تكون.

طوفان الأقصى إذن حدث السنة على الصعيد العالمي، لأنها تمكنت من قلب الموازين وحسابات القوى العظمى. فرجعت أخبار أوكرانيا الى الخلف، في الوقت الذي كادت تهدد العالم بالحرب النووية. وهذا الأمر يعني أن قيادة حماس أدمغة تمارس السياسة بالعلم والعمل الجدي، بعدما جمعوا تجربة القضية الفلسطينية خلال 70 سنة وخططوا لما يفيد قلب الأوضاع في قلب العالم= فلسطين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist