الأربعاء, يناير 8, 2025

الدروس السبعة من فرنسا

أحمد الخمسي

الدروس السبعة

من فرنسا

أولا ولكي لا نخلط بين رسوخ الديمقراطية في المجتمعات العريقة، وبين المجتمعات التي ما زالت محرومة حتى من تعميم التعليم والصحة والطمأنينة الاجتماعية، مع كل الدمار والحرائق والخسائر، لم تزحق روح واحدة بعد روح اليافع نائل، فالحق في الحياة أمر مقدس رغم كل الأحابيل الرأسمالية.

ثانيا وكي لا نخلط بين الأنظمة السياسية العريقة وبين بروبغندا الديمقراطية عندنا وفي محيطنا العربي، سنتابع ونتربص القضاء الفرنسي، لنتبين كم سنة سجن سيحكم القضاة على أكثر الحالات إضرارا ومنها الهجوم على منزل رئيس بلدية لي ليغوز. فمؤسسات الدولة لا تنصاع مع الحكومات الزائلة ولا تنزع نزوع متطرفة نزولا عند الطبقة ذات الأغلبية الانتخابية.

ثالثا ولكي نزن بميزان العدل مكاسب الشعب الفرنسي المناضل منذ الثورة الفرنسية إلى اليوم، لا يخاف الناس لا من انقلاب عسكري ولا من حرب أهلية. تسقط حكومات، تجمع مؤسسة النيابة العامة ملفات المسؤولين الحاليين، وسيقف أمام القضاء، كائنا من كان موقعه في الدولة، وحالة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي.

رابعا وحده رأس المال الجبان والانتهازي والذي لا وطن له ولا كبدة ولا دين ولا ملة، من يهرب ويغادر من فرنسا إلى أمريكا، بحيث ينضاف إلى رأس المال الهارب من أوربا هروبا من حرب أوكرانيا إلى أمريكا.

خامسا وحدها المافيا العالمية التي تستثمر في يأس الشباب من الأوطان ومن الهوية ومن جشع الطبقة السياسية العربية الاسلامية، فتخرج علينا حالات البؤس الروحي والعدمية الثقافية والتنكر لخزان الطاقة الايجابية في ثقافة الأمة وكتب الأمة في لحظات مؤلمة. لننشغل نحن بالسويد بدل الانشغال بالقمع والقتل الذي لا يهدأ في نظام الابارتايد والعنصرية نظام الحركة الصهيونية.

سادسا، وحدها المافيا العالمية من تجر الشعوب العريقة مثل الشعب الفرنسي، عندما لاحت أزمة طبقته السياسية منذ العولمة الى اليوم، فأخرجت تلميذ روتشايلد إيمانويل ماكرون، تجره إلى مستنقع الخلط بين التاريخ الفرنسي المجيد وبين الانزلاق ما بين اليمينية المتطرفة المنغلقة وبين الحزب الحربي. أخرجت قوانين متناقضة من قانون 2017 إلى قانون الهاتف الأخضر الذي يحق فيه تبليغ اليافع بالأم التي تشرف على تربية ابنها. واليوم تستغيث السلطة بالأولياء والأمهات والآباء بل وأئمة الأحياء لتهدئة الأمور. سبق لأنجلز أن اعتبر القانون والقضاء آخر قلعة للبرجوازية تحتمي بها للدفاع عن جشعها الطبقي. وها هي فرنسا تعيش اليوم تناقض القوانين مع مقتضيات الاندماج الاجتماعي.

سابعا، دوخة فرنسا وعبث اختيارات الطبقة السياسية المتناقضة تلخص دوخة أوربا بكاملها، بعدما صارت تابعة للوبي المالي العالمي المتنقل ما بين أمريكا واسرائيل. دوخة الطبقة السياسية الفرنسية ناتجة عن كونها حصرت دورها في خدمة اللوبي المالي العالمي، هو نفس اللوبي الذي صنع مشروع مانهاطن لأول قنبلة نووية في تاريخ البشرية، وهو نفس اللوبي الذي دبّر تفريغ البلاد العربية من خزانها العربي اليهودي المنتج للقيم المعنوية (= التعايش السلمي) والمادية (=العلوم والتقنيات والحرف). ففقدنا وفقد إخواننا اليهود المغاربة والعرب حريتهم فوق مساحة 14 مليون كلم2، مقابل أقل من 30 ألف كلم2، بحيث أجهزت البرجوازية الغربية على سكانها اليهود لترمي بهم في مستنقع الحرب بالشرق الأوسط.

إن ما يجري في فرنسا من قتل عنصري وحرائق انتقامية نتيجة الجشع المالي من جانب لوبيات المال في شركات صناعة القتل وتجريب التقنيات العسكرية القاتلة يوميا لأكثر من نائل في فلسطين.

وقد جرب الإعلام الفرنسي الرسمي سياسة الانتقام منه عندما نشر وتسبب في شهرة صورة الطفل محمد الدرة في الانتفاضة الفلسطينية الثانية. فبدأ الاستيلاء على قنوات الإعلام العمومي الفرنسي. لم يرحموا حتى المثقف الفرنسي اليهودي الشهير جاك أطالي، ومحوا حضوره في الإعلام العمومي. لأن جاك أطالي كان يمثل التوازن الفرنسي في قضية فلسطين. أرادوا لفرنسا أن تصبح صهيونية بامتياز، وسمموا قوانينها بالاسلامفوبيا، فها هي فرنسا نفسها تحصد نتائج نظام الابارتيد والعنصرية المقننة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist