تقول إحداى زبوناتي لم أتوقع يوما أن أصبح شخصا مهوسا بعمليات التجميل، الأمر الذي أتعبني كثيرا، لكن لا أنكر أنني حين بدأت أول عملية تجميل في سن مبكرة نوعا ما، شعرت بأن تحسنا دخل حياتي، زادت الثقة في نفسي، لكن هذا لم يدم طويلا؛ حيث برزت مشاكل عدة في العمليات نفسها، الأمر الذي جعلني أخوض رحلة تغيير الأطباء المتعبة.
لا تختلف معها إلا في بعض التفاصيل زبونة أخرى أربعينية العمر، التي تحكي لي قصتها مع عمليات التجميل التي تجاوزت 15 عملية تجميل في مدة قصيرة..، تقول أنها نادمة للغاية وأن عالم التجميل هو فخ لا أكثر .
الأمر نفسه، حصل مع زبونة أخرى التي أخبرتني أنها لجأت إلى أطباء في الدار البيضاء وتركيا وبيروت، فقط من أجل البحث عن أنف مثالي لكن للأسف تطور الأمر من عملية واحدة إلى أكثر، بحثا عن المثالية في كل الملامح بعدما كان ينصحها الأطباء بعمليات أخرى للفك والخدود …تقول نادمة أن الطبيب كان ينصحها بالبحث عن مظهر مثالي وابتسامة رائعة وجسم جميل بدل من أن ينصحها من مخاطر هذه العمليات.
فيما تتشارك معها الرأي زبونة أخرى بخصوص هذه العمليات التي تقول أنها دمرت حياتها بدل من تحويلها إلى الأفضل كما كانت تطمح، تحكي أنها مرت بوقت صعب للغاية خصوصا بعد الانتقادات التي سمعتها من زوجها والعائلة.
كانت هذه بعض حكايات واقعية لبعض النساء مع تجارب عمليات التجميل التي أكدت بالفعل ما نسمعه في الآونة الأخيرة عن الكثير من النساء اللاتي خضعن لعمليات التجميل، التي قد تصل أحيانا إلى أكثر من خمس عمليات في يوم واحد، إذ تطور الأمر من مجرد العناية بالمظهر وتحسينه إلى هوس وإدمان بهذه العمليات، هوس في صورة جديدة ساهمت في انتشاره وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي غرست في أذهان النساء أن الجمال هو جمال المظهر والصورة، ويتجسد في معايير محددة لا يمكن الوصول إليها دون عمليات التجميل مما يضطر بعض النساء الشروع في ذلك في سن مكبر جدا، أي عند من تقل أعمارهم عن 30 عام.
قصص اسمعها بشكل يومي والتي تؤكد أن أغلب هذه العمليات يتم إجراؤها على الوجه أو بعض المناطق في الجسم للظهور بمظهر الشباب وبصورة طبيعية، فنسبة كبيرة من هذه العمليات هي غير جراحية مثل البوتكس والفيلر.
إذ يحصل في المغرب نحو 15000 عملية تجميل سنويا، بمعدل يفوق 1200عملية شهريا، يجريها نحو 70 متخصصا في جراحة التجميل، في مختلف القطاعات (عامة وخاصة)، وفي مختلف مدن المغرب، مثل الدار البيضاء، والرباط وطنجة وفاس ومراكش وأكادير… حسب إحصاءات الجمعية المغربية للجراحة التقويمية والتجميلية.
تأتي عمليات شفط الدهون في المغرب ونحت القوام على رأس العمليات الأكثر طلبا بين النساء والرجال على حد سواء، أما فيما يخص عمليات تجميل الوجه فتعد عمليات شد الوجه وتجميل الأنف في المغرب هما الأبرز ويتم إجراؤهما وفق أحدث تقنيات متعارف عليها، وبالتأكيد عملية زراعة الشعر التي يقبل عليها الرجال بنسبة كبيرة، وحسب الدكتور محمد برادة … أخصائي في الجراحة التجميلية البلاستيكية والترميمية للوجه، فإن طلب الرجال اليوم على عمليات التجميل أكثر مما يمكن تصوره وأغلبها حول زراعة الشعر، الأذن البارزة، تقويم الأنف، جراحة الجفون وشد الوجه، شفط الدهون وإزالة الشعر بشكل نهائي وإبر البوطوكس والفيلير..
رغم أن أسعار الجراحة التجميلية في المغرب ليست الأقل بين الدول العربية ولكنها تعد من الدول التي لا تغالي في تكلفة عملياتها التجميلية بشكل عام
فمثلا شفط الدهون 23 ألف درهم، شد الفخدين والذراعين يصل إلى 54 ألف درهم فيما يصل تكبير الصدر أو تصغيره إلى 23 ألف درهم، رأب الجفن 18 ألف درهم، تجميل الأنف 22 ألف درهم…، هذه أمثلة لعروض إحدى عيادات التجميل المعروفة في المغرب تقدم وتوفر جراحات تجميلية مختلفة، طبعا تختلف الأثمنة ويرجع ذلك إلى طبيعة كل حالة والتقنية المستخدمة في العملية، وكذلك مدى شهرة المركز الطبي الذي تجرى فيه كل عملية.
والإقبال على جراحة التجميل في المغرب أصبح يهم الطبقات الاجتماعية كلها من دون استثناء، فالنساء أصبحن حاضرات في جميع الميادين ما يجعلهن يهتمن بمظهرهن، بعدما يقمن السيدات بحميات ويمارسن الأنشطة الرياضية، ولكن لا يتمكن من التخلص من الدهون الموجودة في مناطق معينة، وبالتالي تكون الجراحة هي الحل الأمثل.
والسبب في ذلك ربما هو القلق والخوف الذي يصيب النساء مع تقدم السن ومحاولة إخفاء بعض التغييرات التي تصيب الجسد بدل التكيف معها، إذ انتقل الأمر من استعمال المكياج وتصفيف الشعر وارتداء الحلي والأساور والملابس الحديثة .. الخ. إلى البحث عن وسائل لتغيير مظهرهم الخارجي بصورة مشابهة أو قريبة للشخصيات الفنية والرياضية المشهورة.
وجدت بعض الدراسات النفسية أن هناك مجموعة من الخصائص النفسية التي تجتمع لدى
النساء الذين ينوون أو يقومون بعمليات التجميل أنهم يتسمون بعدم الرضا عن الذات، وأن لديهم صوره غير حقيقة عن شكلهم الخارجي، ويعانون
من مشاعر تدني تقدير الذات قبل إجراء العملية، ومنهم من يرجعون حزنهم إلى بعض
الخصائص الجسمية الخارجية.
في غياب النصيحة والتحدير من
خطورة عمليات التجميل الكثيرة كتشوه الوجه عند استخدام جرعة زائدة أو خاطئة، وحدوث
خيبة أمل من عدم نجاح الحقنة في المكان المناسب، وظهور ابتسامة غير متناسقة في الوجه، فضلا عن التهابات الجلد وظهور كدمات حول
العينين…المضاعفات المتعلقة بالتخدير، بما في ذلك التهاب الرئة والجلطات الدموية، والوفاة في بعض الحالات، الإصابة بالعدوى في موضع الجرح إلى جانب المخاطر النفسية كالاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
طبعا لكل شخص أسبابه للخضوع لهذه العمليات التي تتعلق غالبا بشأن صحي أو نفسي بحيث؛ أن الذين يخضعون لها ليسوا من أصحاب التشوهات فقط، بل لتصحيح عدم تناسق مظهرهم أو للحفاظ على الجمال مع العمر.
وأمام هذا الواقع، تزداد في العالم العربي، الصفحات التي تزيد من توعية المرأة بخطورة عمليات التجميل ومدى فعاليتها وضروراتها، وتنشر نساء كثيرات شرائط فيديو حول تجاربهن، حيث أن بعضهن وقعن ضحايا أطباء هدفهم الربح المادي.