أنا غير راض نعم… مختلف على طول نعم… لكنني واثق وملتزم ومتفائل
عقليتنا شرقية، في مواقع المسؤولية وفي مواقع المعارضة أيضا.
عقليتنا لا تقدم معاييرللاستحقاق، ثم تأخذ مسافة للتتبع. لذلك يصيبنا الرضى عن النفس كلما وجدنا أنفسنا في المنصة المنتظرة، ونمحو السماء بالقماش مرة واحدة ونغضب ونذهب. وجهان لعملة واحدة= الرضى والغضب.
لم أسمح لنفسي أن تكون غير مطمئنة، ولكنها لوّامة أيضا. لكن ما لم أسمح به قط لنفسي أن تكون أمّارة بالسوء. خارج هذه الأضلاع الثلاثة، فوق طاقتك لا تلام. وهذه المقاييس أعامل بها غيري أو أتخيلها لدى الغير يتعامل بها، وفوق طاقته لا يلام.
نحتاج النفس الديمقراطي عندما تأتي النتائج مختلفة عمّ اعتقدنا. أما أن نخلط بين الثقة في سيرورة العمل المشترك وبين حصيلة صيرورة النتائج، فالنضال الحزبي الداخلي هو التصرف بعيدا عن هذا الخلط.
طبعا، يتصرف الدكتاتوريون دائما بخلفية المؤامرة وهاجس أن النتيجة لن تكون مرضية اذا لم يضبضوا بصلابة على أدوات العمل المشترك. التناقض الذي على من يتحكمون في الحزب ليس عندي بل عندهم، كيف يبذلون جهد المخلصين الصادقين باستمرار، لكنهم يبددون إخلاصهم وصدقهم عبر التصرف بدكتاتورية وتحكم. إنه جوع العالم الثالث الذي يتوقف عند حد. إنهم صادقون أنانيون أبويون لا يبادلون الناس الأقرب إليهم الثقة بالثقة. من يستطيع أن يشك في صدق ناصر وعرفات وصدام؟ لكن القبضة الحديدية تعني أن الثقة في تداول المواقع غير معمول بها. الثقة في الكراكيز الشمشامة عمياء. ومتوسط الثقة غير موجود. أربي المريد وأتيقن من إخلاصه كقن، شبه عبد، وأطلق يده في المشترك.
استغرب يوما شخص كيف صبرت على النقد الحاد، بينما انفجر أحد ضده لأنه لم يتحمل صيغ النقد. وعندما التفت اليّ أحدهم وكأنني “قليل النفس” لم اغضب للصيغ المستعملة ضدي؟ فكان ردي بسيط وواضح= عندما اعتقلتني الدولة ومارست التعذيب في حقي، كانت الحالة واضحة في ذهني تعتمد التمييز أمرين= بين الطيبوبة في موظفي الدولة الذين يمارسون التعذيب علي كموظفين مؤتمنين على تنفيذ مهمة التعذيب في حقي وفي غيري، وبين الدولة الشرقية غير الديمقراطية التي تمارس الاقصاء والتعذيب في حق كل من ينتقدها حتى يتوقف عن الانتقاد. الى اليوم ما زلت اميز بين الامرين، لذلك، لم يصبني اليأس قط من ممارسة السياسة كواجب وطني وحق لمواطنتي.
لنرجع الآن لمجرد الملاحظة=
عدد أعضاء المكتب السياسي 21 بينهم ثمانية نساء، بما يعني 40 في المائة. وبينهم من السحنة الشبابية ذ كورا وإناثا ثمانية، أي التشبيب 40 في المائة أيضا. والباقي ليسوا من ذوي السن الذي ينقص الطاقة الحركية. من الناحية الديمغرافية البحثة مكتب سياسي متوازن. أما إذا بحثنا عن الصانع الملهم لاختيار الأعضاء جميعا فيمكن الانتباه كون اليسار أفضى إلى التجاوب مع الملمح الأنثوي الذي أصبح دوره في المجتمع المغربي إحدى العلامات المميزة. فقد تمكنت الأمينة العامة السابقة من رسم خريطة المكتب السياسي. قبل إصدار موقف سياسي مع/ضد يحسب لها، كونها تمثلت أساليب الرجال في المجتمع الشرقي لاستكمال دور الزعيم الذي لا يترك مكانه حتى يبني المؤسسة وفق توجهاته هو. المجتمعات جميعا تشتغل – من زاوية الترا كم- على مبدأ الاستمرارية.
لا ينسى المتتبع أن الأمينة العامة السابقة استحقت موقع الشخص/المر كز الفاعل في قيادة الحزب لما تتوفر عليه من حضور وفعالية مقارنة مع الباقي الذين اشتغلوا رفقتها. ولا ينقصها الصدق في ذلك. ولأنها تتفوق بكثير عمن اختارتهم بذكاء منذ المؤتمر الرابع، ومن ساندوا أطروحتها للخروج من أزمة الاندماج في صيف 2021، فقد خرج المكتب السياسي الحالي (5/11/2023)، مشكلا من طرف من أخلصوا لها، طيلة الفترة الممتدة بين المؤتمرين (4-5)، ثم من تطابقت رؤيتهم معها خلال التحضير للمؤتمر. ولم يفقد المكتب السياسي الحالي من المخلصين سوى من زاد طموحهم عت عضوية المكتب السياسي بالطمع في الأمانة العامة.
هل يعني ذا أن المؤسسة التنفيذية أتت مطابقة للمحيط المنسجم مع نبيلة منيب؟
لا. فقد غاب عن المكتب السياسي الحالي من بالغ من دعم الأمينة العامة السابقة، كما غابت أمثلة من الرفقة لها إلى درجة تقاسم المسؤولية بالكامل معها عن محصلة المرحلة المنتهية، عبر التقريرين الأدبي والمالي. وغاب من اعتقد أن التنظير للورقة المسماة ورقة أغلبية المؤتمر هو من يجسد روحها.
وقد اتبعت نبيلة منيب الاحتفاظ بمن يحسن ضبط الصفوف وفرض الترتيبات على المقاس. حتى لو خالفها الرأي بصدد التحالفات. فالمشترك المقبول بينها وبين أصدقائها محل العناية المتبادلة هو تنفيذ الخطة المغلقة. أما أن يضيف شخص (ولومختلف عنها في السياسة/التحالفات) ما يفيد ختم إغلاق الحقل الحزبي بالشمع الأحمر، فتأمين التنظيم من أي “فتق” قد يسبب ألما عند السير، يتطلب إحكام القبضة على لحظات التنظيم= في التحضير للمؤتمر، يمكن تعليق أشغال اللجنة التحضيرية مع الكمون مدة ريثما يأتي موعد المجلس الوطني فينجز ما لم تكن أجواء اللجنة التحضيرية مناسبة لتمريره. فمرحبا بمن يساعد في ترتيب جزئيات اللحظة. ومن بعد، لكل حادث حديث.
ضيّع المؤتمر من اشتغلوا بجد لتحضير الأدبيات. اشتغل التحضير بهم لكي لا يقال أن الحزب الاشتراكي ليس له أطر. وخلال التحضير الكثير بلع لسانه عن أساليب التحكم. ومن صدع بحجج التجاوز بل من نبه إلى كون اللجنة التحضيرية لجنة حزبية سياسدية فوق الجميع بينما أصر المحتكرون على رمي تيار الانتقال الديمقراطي بتهم الانشقاق. في كل مرة كان الناطق باسم التيار يختار كلماته ولا يعبر سوى عن المختلف فيه. من يلاحظ مواقفه ويتابعها سيجد معه النقط المختلف فيها متعددة. لكنه لم يكن أبدا مخلا بالاحترام المتبادل. شراسة نقده كانت موازية ومتوازنة مع شراسة التحكم الذي يتبع كسر العظام.
صرحت الأمينة العامة يوما في الصحافة الالكترونية أن لها قنبلة نووية قد تفجرها يوما في وجه بعضهم.
روح الدكاكين المجمعة سابقا في سوق الحومة المسماة فيدرالية اليسار لم يعوضها الاشترا كي الموحد بروح بديلة بعد صيف 2021. بل بقي يشتغل دكانا في حي صغير.
يزيد الأفراد عن معدل الحركية الجماعية المطلوب رسم ايقاع استمراريتها عند الجميع. ويبقى جميع الحزب بلا قطاعات ولا تواصل داخلي… عندما اجتمع المجلس الوطني الأول بعد الانشقاق، قدم من أصبح منسقا للجنة التنظيمية الوطنية تقريرا بلا أرقام ولا هندسة جديدة للقطاعات. من استمعوا إلى التقديرات العامة استنتجوا أحد الاحتمالين= إما أن نزيف الحزب أخطر من البوح به ومقاربته بالارقام، والاحتمال الثاني أن استنزاف وقت منسق لجنة التنظيم الوطنية الجديد في مختلف التظاهرات لا يبقي له الجهد والطاقة لتقديم تقرير مرقم مسؤول.
بؤس اللجنة التنظيمية الوطنية ما بعد الانشقاق أشّر على ما سوف بحصده الجسم الحزبي من بؤس في مختلف المجالات. ذهب عهد التعاميم، وجاء عهد تحضير أعضاء المكتب السياسي (ليس الكل طبعا) الحركيون لتغذية وهم “الأمانة العامة”. ومن رأى أنه على بعد خطوتين أو ثلاث من المكتب السياسي المقبل، بقي أمامه أن يختار السلوك الذي يطوي المسافة. وكثير من هؤلاء يستحقون أن يقتعدوا المكتب السياسي.
اليوم، ليس من حق أحد أن يطعن في الموقع الذي يرى فيه فلان أو فرتلان. ولا يمكن التعليق على أي كان في المكتب السياسي سوى بالتعليق على رصيده الاجمالي في الحزب. ولا رصيد في الحزب إذا لم يشع الشخص بحضوره الاجتماعي بين الناس أولا. ولا يشع المواطن بين الناس إذا لم يكن نشطا فعّالا منتجا للحلول… مبادرا بوقته وماله وخبرته مؤسسا لأشكال الانتشار مؤثرا في محيطه تاركا بصمة الاشتراكي الموحد أينما حل وارتحل.
على أن لحظات العمل الحزبي ليست كلها حضور في الأجهزة. وليست كلها نقد للأجهزة. فعدم الحضور في عضوية الأجهزة التقريرية لا يعطي الحق كامل الوقت في مجرد النقد.
ولو أن أساليب اختيار الاجهزة إما أن تراكم الطاقة المتجددة وتوسع الاشعاع الأولي ، أو على العكس من ذلك، تطفئ شموع التفاؤل وتزرع التساؤل وما يدعو الى الاحباط والندم على اليوم الذي تم زرع ما سوف يصبح بمثابة محل تجاري شخصي.
إن المثال الذي أعطاه الشعب الفيتنامي بارز في حالة الاسم الخالد جياب، هذا الجينيرال الذي لم يدرس ولو ساعة واحدة في أكاديمية عسكرية. ولكن الخطط القتالية التي ساهم في بلورتها وتنفيذها عمليا، واستجابته لهموم الشعب المستعمر ورفعه تحدي التحرير بالنفس أولا، هو الذي خلق أسطورة جياب. كذلك الاسم الذي نراه هنا في تسمية الشوارع والمؤسسات لم يكن أكثر من مواطن ثم ظلمُه في كرسيف (الشرق) من طرف الفرنسيين، فهاجر إلى الرباط، ولما جاءت لحظة الفداء بالنفس، كان الفدائي علال بن عبد الله.
الأصل هو العطاء وليس الأخذ، فالأخذ الأصلي هو العمر والصحة والمهنة و و و…أما العطاء فهو الجهد للخروج من الهشاشة والاجتهاد الذي لا يتوقف، مع حق النقد وواجب النقد الذاتي. تساءل فؤاد زكريا عبر عنوان كتابه= كم عمر الغضب؟ لكن لكل حالة وقتها مثلما أجابه محمد حسنين هيكل= خريف الغضب. هذه هموم المثقفين، أما الشعب فله ميدان التحرير،
وفي جميع الأحوال معنوياتنا ليست متوقفة على المهرولين إلى المواقع… ذات يوم تحدثت مع الأمينة نبيلة منيب عن شخص. كان جوابها= ما عليش إجماع.
منطق لا أومن به، واليوم هي نفسها ستتشبث باختياراتها عن أشخاص وهي تعلم أن ليس عليهم نصف إجماع. فقط يسحتيي المغاربة من مواطنة صادقة ملحاحة، وفي هذه الحالة، قضت الأمينة العامة السابقة لفائدة من ترغب هي في ملء الفراغ المؤقت وليس من عليه إجماع. لأن الاجماع حالة استثنائية وليس قانون عام. حتى استفتاءات الدساتير وأوراق الأغلبيات وانتخاب المؤتمرين لا يكون احترام المساطير دائما وفي جميع الحالات.
شخصيا، لا أوهم نفسي بالاجماع لأنه منطق شرقي سلطوي وليس ديمقراطيا تعدديا. ولكن الحد الأدنى من المعقول الممكن قد تحقق في المؤتمر. ولا بأس من التعامل مع نتائجه. أما لو كنت مقتنعا أن شروط العمل بلغت حد اللامعقول، فلم أكن لأغضب أو أستقيل. بل كنت سأجمع الحجج التي تؤكد أن من يوجدون اليوم في المكتب السياسي، قد قرصنوا الحزب، ثم أثيم دعوى قضائية للطعن في شرعية أشغال المؤتمر ونتائجه. طالما أميز بين درجة عدم رضاي على كيفية التحضير، وعدم رضاي على نتائج المؤتمر، لكن ليس لدي شك في صدق من اشتغلوا. والصدق هو العملة التي تؤشر على شرعية العمل أو عدم شرعيته.
مستوى أقل من الممكن المحتمل نعم. لكن الاستمرار لا يتطلب الرضى، بل يتطلب الثقة. أنا غير راض نعم. لكنني واثق من صدق من رأيتهم في صورة المكتب السياسي.
أعتقد أن تشخيص مواقفي داخل الحزب معارضا لما جرى، لا لبس فيه. والجانب الثاني وهو توازن موقفي داخل الحزب نابع من التقدير الموضوعي لمجال عمل تطوعي نابع من قيم الإنسان الذي لا يفقد بوصلة العمل من أجل دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع. ودمقرطة المجتمع مهمة ليست بعيدة عن العمل الحزبي نفسه. وتجسيد الديمقراطية حاجة ماسة عند الاختلاف وليست ملموسة في حالة التطابق. لأن الاجماع غير موجود في المجتمع البشري. الإجماع حالة شرقية متخلفة كأسلوب أناضل من أجل أن يقتلعه أصحابه من رؤوسهم الطيبة وضمائرهم الصادقة