كتاب جديد قيد النقاش بتطوان
“الأصول السياسية والاجتماعية للعلاقات المغربية الاسبانية 1875-1912”
من منشورات باب الحكمة بتطوان، فتح فتح آخر لأبواب العلاقات المغربية الاسبانية التي ظلت موصدة لزمن طويل، إنه كتاب المؤرخ يوسف أكمير تحت عنوان “الأصول السياسية والاجتماعية للعلاقات المغربية الاسبانية 1875-1912”.
تنفرد الأنوار نيوز بكشف الغطاء عن هذا المولود العلمي الجديد، الذي يقدمه مؤلفه بالمكتبة الداودية بباب العقلة (مساء السبت 17 يونيه 2023).
يتكون الكتاب من 334 صفحة، ليرافقنا ونرافقه وهو يدقق العلاقات المغربية الاسبانية بنظرة جديدة من زاوية تختلف عن المعتاد. فالمعتاد هو أن النخب الشمالية المولعة بالمجتمع الإسباني والعادات الاسبانية، تكاد تسقط في شوفينية منغلقة وهي ترد مزاجيا على التهميش الذي يمارسه اللوبي الفرنكوفوني في المغرب للشمال وللعلاقات المغربية الاسبانية التي تحمل الثقل المشترك طيلة 13 قرنا، ثمانية منها حيث كان الأجداد هم الأسياد في اسبانيا والبرتغال، وبعدها الخمسة قرون التالية.
بروح مغربية منفتحة يدقق المؤرخ يوسف أكمير في فترة دقيقة جاءت مباشرة بعد حرب تطوان الاسبانية ضد المغرب، عندما تولى الحسن الأول السلطة في المغرب بحزم للمراوغة ضد الأطماع الاستعمارية لاحتلال المغرب.
فإسبانيا التي غزت تطوان (1859-1860) ثم انسحبت، لم يكن انسحابها سوى اضطراريا لأنها كانت تعاني من ضعف نظامها السياسي داخليا، ولأنها غزت تطوان فقط لتجرب حظها العسكري لتخفف وطأة مشاكلها الداخلية ولكي تنافس أنجلترا وفرنسا وروسيا التي تواجهت فيما بينها في حرب البلقان حول “الرجل المريض” (الامبراطورية العثمانية) قبل ثلاث سنوات (1856) فقط.
بعد عشر سنوات من حرب تطوان، جرب الإسبان النظام الجمهوري (1873) ففشلوا وعادوا إلى النظام الملكي. ومن ثمّ تناسلت الاتجاهات الايديولوجية في الطبقة السياسية الاسبانية، فأصبحت ستة توجهات= الكنيسة والمحافظون الحداثيون والليبراليون والاشتراكيون والجمهوريون والفوضويون.
في المقابل، انشغل المخزن باستعادة السيادة على القبائل في مختلف المناطق، بينما كانت طلائع البرجوازية في المدن تجد نفسها متروكة جملة لنفسها، فاستجاب البرجوازيون بالتقسيط لسياسة الاستقطاب الأوربي، مما أنتج ظاهرة الحماية الاجنبية للأفراد. ولأن الاتفاقيات بين المخزن والدول الاستعمارية كانت تمنح المحميين المغاربة فرص الافلات من سلطة القضاء المغربي، فقد ظهرت ملامح الأزمة السياسية بين المغرب وأوربا أسمتها السياسة الأوربية ساعتها ب “القضية المغربية”. عجلت أوربا بتحول الصراعات الجزئية إلى مشكل سياسي عالمي مركزه المغرب، مما جعلها تتوفر حول أسباب عقد المؤتمرات حول “المسألة المغربية” (مدريد، برلين، الجزيرة الخضراء).
فرادة الكتاب الذي أخرجه المؤرخ يوسف أكمير، كونه يحكي عن هذه المرحلة ولكن من وجهة نظر الإسبان بمختلف توجهاتهم المصلحية والايديولوجية والسياسية. وبمختلف الأدوات= بيانات حكومية وتصريحات حزبية وتقارير صحافية.
فالإنصات للمؤلف والنقاش معه مفيد لتسليط الضوء حول ما كان يراه الاسبان بصدد ما جرى في بلدنا طيلة فترة بالغة الحساسية التي أفضت إلى استعمار المغرب (1875-1912).