-ذ. عبد الاله بعيصيص-
لم أكن يوما متحمسا للحديث أو الكتابة عن موضوع “تمغربيت” بدا لي الامر كما لو أنه مجرد مزايدة للدولة في سياق صراعها الاقليمي مع الجيران. وطبعا للدولة حقها في ذلك لكني ربما بحكم حساسية انتمائي لتيار سياسي اعتقد دوما أنه ملزم للتعاطي بتحفظ مع كل ما هو قادم من جهة “الدولة” بل بنى كل اطروحته على رفض كل ما هو قادم من جهتها. لكني بحكم احتكاكي الطويل مع أسماء هادئة رصينة ورزينة وربما بحكم اطلاعي على جزء من التاريخ وكذلك تربيتي المستقلة ومساري الشخصي والمهني جعلني أراجع هذه الاطروحة وهذا التحفظ. وهذا لا يعني أني أقبل بكل ما أتى أو يأتي أو سياتي لاحقا من مطبخ السلطة ولكني أتعامل مع كل شيء بما يليق بي كمواطن له ما يكفي من مواطنة عاقلة مستقلة تبني آراءها ومواقفها بهدوء ودون إفراط ولا تفريط.
سعيد بنيس كان أول من اطلعت له على هذا اللفظ “تمغربيت” من خلال تدوينات على حسابه بالفيسبوك بعدها دخلت أسماء كثيرة على الخط وكان السياق الابرز هو الصراع من الاشقاء في الجزائر. أحيانا على رموز ثقافية أو محطات تاريخية أو أسماء من الذاكرة. كنت في ذلك شديد التحفظ ولازلت، لأني أعتبر الجزائر والجزائريين العقلاء الصادقين الفقراء والطيبين إخوة بالفعل والقوة ولا ألقي بالا لكل التابعين والتابعات من الجانبين لاستراتيجية توتير الاوضاع لأن الخاسر واحد في النهاية هو الشعب “الجزائرمغربي” لكن ذلك لا يمنعني اليوم من الكتابة في موضوع “تمغربيت” البسيطة العميقة الطيبة الصادقة الضاربة جذورها في التاريخ المجسدة بشكل يومي بين أبناء وطني الطيبين الصادقين الاوفياء المخلصين في عملهم وتعاملهم، المستعدين للدفاع بالغالي والنفيس عن أي شبر من تراب الوطن وأي “حق” من حقوق المواطنات والمواطنين. تمغربيت التي قد أجد العروي كتب عنها بغير شوفينية مقيتة كما قد يكون الجابري هو الاخر أصل لها دون أن ينبس ببنت شفة في حق اخوتنا في الجزائر. وغيرهما كثير من كبار المفكرين المغاربة. مغربي وأفتخر بتاريخ وجغرافية هذا الوطن الذي يريد البعض تقزيمه ومغربي وأحتج على كل من سولت له نفسه أن يشغلنا بحرب تافهة مصطنعة قد تكون مبررة ولكنه هو الذي يشن حربه يوميا على قوتنا ومستقبل عيالنا.
“تمغربيت” التي وحدت الامازيغ والعرب واليهود والمسلمين لمواجهة المستعمر. “تمغربيت” التي أنجبت المختار السوسي وعمران المالح وثرية الشاوي خناثة بنونة وبوعبيد والسرفاتي وبنسعيد وسيون اسيدون وغيرهم كثيرات وكثيرون.
يتبع