يبدو أنه لا صديقات لإبليس غير النساء، فمثلا في أمثالنا الشعبية التي هي ذاكرة المجتمع، من خلالها يعبر الفرد كما الجماعة، عن رؤيته للذات والآخر والكون…، والمتعمق في قراءتها ودراستها، يلمس بلا شك تعدد أشكال استخدام كلمة “المرأة” فيها، وتنوع هذا الشكل التعبيري المنطوق في الثقافة العربية مرتبط بطبيعة كل ثقافة ومجتمعها، وأخطر ما في الموضوع أن هذا الموروث الشعبي تحول رغم تغير الحياة ومرور الوقت، إلى أفكار جاهزة وراسخة ومقبولة تستعمل كحجة على صفات أعطيت للمرأة من خلاله، مثلا في المغرب نجد” شاورها وما تدير برايها” مَثل فيه إهانة وانتقاص من قيمة المرأة ورأيها وقدرتها في اتخاذ القرار، أو مثلا نسمع “الرابح من المرا والخاسر من المرا”، هذه الصفة التي ألصقت للمرأة، لتتحمل هي نتائج تصرفات الرجل، ويتملص هو من هذه النتائج.
هذا الانتقاص من كرامة المرأة ووجودها، ونهك حقها كونها إنسان في الموروث الشعبي الشفهي، حرك أقلام العديد من الكاتبات أمثال فاطمة المرنيسي، التي تقول في كتابها شهرزاد ترحل إلى الغرب، “يمتلك التقليد الشفوي عموما سلطة سياسية خارقة، ودوره استراتيجي لفهم دينامية العالم العربي المعاصر”، إلى جانب كاتبات أخريات كنادية العشيري، وعائشة بلعربي…
فيما نجد الرجال أيضا رغم قلتهم لهم نصيب في رفض هذه الصورة النمطية للنساء في الأمثال الشعبية المغربية، إذ نجد دراسة للكاتب المغربي مخلص الصغير بعنوان “المثل الجائر.. دراسة حول الصور النمطية الجنسوية في الأمثال المغربية”، الذي يتفق في أن هذا الموروث يكرس النظرة الدونية إلى المرأة ويكثف الصور النمطية حولها، في عبارات جاهزة، تمت صياغتها بإحكام وإيقاع رنان، مما جعلها سهلة الجريان على كل لسان.
هذه النظرة الدونية نجدها في أغلب الأمثال، مثلا “البنت يا تسترها يا تقبرها”، أي أن البنت هي العار الذي لا يجب أن يستر بالزواج أو الموت، والأبعد من هذا نجده في المثل القائل “المرا لفعى محزمة بإبليس”، أو”يا ويل من أعطى سرو لمراتو يطول عذابو وشتاتو”، أي إن المرأة هي تلك الخائنة التي لا تؤمن على سر وصديقة إبليس في الحث على الشر، وشبيهة الأفعى في ضخ السم، بينما نجد التمييز النوعي بين الولد والبنت في هذه الأمثال إذ يقال “الولد فرحة ولو قد حبة القمحة”، أنا التي أعيش مع أسرتي التي أغلب خلفتها بنات، لا أرى فرحة في الأولاد، رغم كبرهم عن حبة القمح، فأغلب المشاكل هم مصدرها وحلها في النهاية لا يأتي إلا من تلك التي “تأكل ولا تشبع وتخدم ولا تقنع…”، كما نجد تمييزاً آخر قائما على خلفة البنات مثلا “المرا بلا ولاد بحال الخيمة بلا وتاد”، أو “دار البنات خاوية”، كلها أمثال شعبية تمييزية مرتبطة بالمرأة؛ تنظر لها نظرة دونية، وتراها كائنا أقل من الرجل، لا يملك دورا ولا مؤهلات ولا رأيا في المجتمع، في جميع مراحل حياتها منذ ولادتها مرورا بطفولتها إلى بلوغها الذي لا يكتمل في نظر المجتمع من خلال هذه الأمثال إلا بزواجها، وحتى بعد هذا الارتباط تبقى هي دائما رمز الخيانة والخسارة للرجل.